٠٠ وبانت التجاعيد ٠٠
ذات مساء ذهبت لزيارته وخلال مشاهدتي له بدت ملامح وجهه متغيرة عما كانت عليه في العهد القريب رغم ابتسامته المعهودة ورغم بساطة حاله وتواضعه اللامتناهي !!
تجاعيد الوجه تسبق بياض شعر الرأس وبياض الرأس يسبق انحناءة ظهره وعكازته تسبق كلمات الترحيب يا الله ماذا حدث له وما الخطب الذي أوصله لهذه المرحلة !!
كروحه الطيبة كان الإستقبال وكان لتجاذب الحديث معه سِمةٌ أخرى يشعرك أنك تعيش في أحضان الماضي وعلى ضفاف الحاضر وعلى صوت خرير الماء وهو ينساب بين تعرجات المستقبل !!
أثناء تبادل الحديث سألته هل هناك متسع للغواني داخل قلبك رد بصوت يشوبه الأسى ليس هناك متسع للغواني كُن ّ هناك غانيات مُغْنيات واليوم هُن ّ فاتنات مُفتنات والقلب لم يعد يحتمل أكثر مما حمل !!
بكلمات متواضعة حاولت أن أضفي على الحديث بعض التشوق لإخراج ما بداخله لكي يكون للحديث منحى آخر أين الأصدقاء عنك أين من وهبت لهم كل طاقتك وحيويتك رد بضحكة باهته الأصدقاء !!
نعم الأصدقاء قال كان هناك لي أربعة أصدقاء حسبتهم أوفياء وتأملت فيهم أن يكونوا عكازتي التي اتكئ عليها لكن خاب ضني بهم عدتُ متسائلاً هات اسمعني قال الأول صيف مر ّ من أمامي كسحابته قلّ أن تجود بقطرة ماء والثاني خريف ،ساعة يأخذني يمنة وساعة يسرة حتى اسقطني كما أسقط أوراق الشجر وجعلها متناثرة على جنبات الأرض فقمت متثاقلا ً كعود أجرد بعد ذهبت عنه نضارة أغصانه
والثالث شتاء أتى كي يواسيني فخذلني ليلاً وتركني حبيس الانطواء حول وسادتي والرابع ربيع جاء يحمل ثوبه المزخرف تعلوا شفتاه إبتسامة براقة فأخذ يسير بي في أحلام ٍ واهية حتى قادني إلى باب صديقي الأول وتركني ورحل !!
عدت ُ مرة أخرى متسائلاً وزوجتك وأولادك أما لهم دور في الاعتناء بك قال زوجتي حالها كحالي وربما انكأ منه فهي تفتكر شيئاً وتنسى آخر وبصرها لم يعد يسعفها لترى الأشياء بوضوح والأولاد يعيشون مع صديقي ربيع الذي يوعدهم بأحلام ٍ واهية كما وعدني من قبل !!
قلت قبل أن اودِّعه هل من شيء استطيع أقدمه لك قال وماذا تريد أن تقدم لي فسؤالك عني هو أغلى وأثمن شيء قدمته لي كن كما أنت محافظاً على نهجك وقيمك فهما الشيئان الوحيدان اللذان يبقيان معك وإن تخلى عنك الآخرون !!
أراد أن ينهض خلال وداعي له غير أني اصررت على بقائه جالسا ًمراعاة ً لصحته واحتراما ً لمكانته وجلست أردد يوماً ما سنصل إلى ماوصل إليه .
يا الله نسألك حسن الخاتمة !!
٠٠ بقلم جبران شراحيلي ٠٠